الثلاثاء، 17 فبراير 2015

عن التّوحيد قبل الدّيانات السّماوية

لم أعجب كثيراً عندما قرأتُ تلك التراتيل التي توحّد الله في الأديان القديمة قبل الدّين السماوي الأول بثلاثة آلاف عام, ذلك أني كقارئ لميثولوجيا الشرق عموماً, لاحظتُ أن معظم التراتيل أو الأدعية, تناجي إلهاً واحداً تصبّ في يدهِ قدرة الآلهة الأخرى.
في هذا النص, ترتيلة "آمون" من الديانة المصرية القديمة, لنقرأ:

واحد ولاثاني له , واحد خالق كل شيء
قائمٌ منذ البدء عندما لم يكن حولهُ شيء
والمخلوقات خلقها بعدما أظهر نفسه إلى الوجود
أبو البدايات , أزلي , أبدي , دائمٌ , قائم
خفي لا يُعرف له شكل , وليس له من شبيه
سرٌ لا تُدركهُ المخلوقات , خفي عن النّاس والآلهة
سرٌ إسمه , ولا يدري الإنسان كيف يعرفه
سرٌ خفيٌ إسمه , وهو الكثير الأسماء
هو الحقيقة , يحيا في الحقيقةِ , إنّه ملكُ الحقيقةِ
هو الحياة الأبديّة , به يحيا الإنسان , ينفخ في أنفه نسمة الحياةِ
هو الأبُ والأم , أبو الآباء وأم الأمّهات
لم يلد ولم يولد , لم ينجب ولم ينجبه أحد
خالق ولم يخلقه أحد
صنع نفسه بنفسه
هو الوجود بذاته , لايزيد ولا ينقص
خالق الكون , صانع ما كان والذي يكون وما سيكون
عندما يتصوّر في قلبهِ شيئاً يظهر إلى الوجودِ
وما ينجم عن كلمته يبقى أبد الدّهور
أبو الآلهة رحيمٌ بعبادة
يسمع دعوة الدّاعي
يجزي العباد الشكورين ويبسط رعايته لهم
آمون

وبالطبع هناك نصوص أخرى لديانات الرافدين العريقة, تظهر تسلسلاً محكماً في أغلب المعتقدات الدينة التي نشتركُ بها حتى اليوم.
وكثير من الأفكار التوحيدية, تقوم على التعددية التي لاتعني في حال من الأحوال, الشرك بالله, بل اتحاد هذه القوى برب الأرباب, كما أنّه كان لكل "إله" عملٌ ما, ينجزهُ باسم رب الأرباب, كما "الملائكة" في الأديان السماوية فيما بعد.
إنها سلسلة محكمة, وكم صغيرة هذه الدّنيا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.