الثلاثاء، 17 فبراير 2015

دشّي أختي دشّي

لطالما كنتُ أعشقُ, مسائل التحليل النفسي, ولطالما استهوتني, تلك الدّراسات النّفسيّة المقارنة, فكّرتُ أن أُسقط بعض الأمثلة, وأستقي بعضها, من واقعنا, لإدراجها كأمثلة نتعرّفُ بها, على خصائصنا النفسيّة, وعلى بعض ردّات فعلنا, تجاه بعض الأحداث, التي تجري وقائعها, بيننا كلّ يومٍ.
سأحكي اليوم لكم قصّة, جرت أحداثها, في مطار دمشق الدّولي, نهار السّادس عشر, من آب لهذه السّنة, التي تتأهبّ للرّحيل, وأبطالُ هذه القصّة, أنا, المتفرّج, وآخرٌ أمامي في نفسِ الطّابور المؤدي, إلى حاجز تفتيش الجوازات, وشخصٌ كان يقف إلى جانبنا, في طابورٍ آخرَ, يوازي طابورنا, وكلّ الطوابير, تؤدّي إلى الطّاحون.
تسلّلت بعضُ النّسوةِ, بين الطابورين, باتجاه شرطي تدقيق الجوازات, وقد تجاوزن كل أرتالنا المؤدية إليه, وما إن انتهينَ, من جوازاتهنّ, حتى طالعنا الرّفيق, في الطابور المجاور, بدوران بزاوية كاملة, ملوّحاً بيده, إلى الباقيات, وقائلاً لهنّ: "دِشّي أختي دِشّي", لا أعرف هي لهجة أية منطقة من مناطق سوريا, لكنّي فهمتُ, والجمهور الواسع المرافق, أنّه يقصدُ: مُرّي يا أختاه.
لم ينبس أحدٌ, ببنتِ شفة, لطالما كانت القضيّةُ, قضيّة "حريم", ونحن نعرف, أن الحريم في مجتمعنا, هنّ ممثلات "الشّرف", وهنّ اللواتي, إن تكلّم أحدٌ منّا, عن امرأته, أو أختهِ, أو أمّه, صار يهمس, بذكرهنّ همساً, وكأنه يتكلّم في "سياسة" محرّمة.
سادَ الصمتُ بين الطابورين, فيما ألاحظُ اعتراضَ معظم النّاس, الذي كان واضحاً, على وجوههم, ومن بينهم أنا, الذي لم أجرؤ على الاعتراض.

فجأةً, خرج الشّاب الذي كان واقفاً أمامي, ليستدير صوبهُ, ويقول له:
لو سمحت يا أخي, لقد مضينا أكثر من ساعةٍ, في هذا الطّابور, لنصل قربَ النّافذة, أفأنتَ بعد كلّ هذا, تدعو النّاس, لأن يمرّوا, دون انتظام, أو دستور؟
فأجابهُ الأخ ذاك, بحميّةٍ وغضَبةٍ كبيرتين:
ألا تظنّ إن كانت أمّكَ, أو أختكَ, في مكانهنّ, لتفعلنَ نفسَ فعلتي؟
فردّ عليهِ قائلاً:
أمّي وأختي, ستقفان في الطّابور, شئن, أم أبينَ, وهذا ما أرتضيهِ لهما.
خلاصة ما أروي لكم..
لو أننا استثنينا , أن الخطأ الكبير هنا, واقعٌ لا محالة, على ضباط الأمن في المطار, الذين لم يخصصوا, صفاً للنساء, أو العائلات –كما حال المطار الذي أتينا منهُ, وهو مطار دبي- لو استثنينا هذا, فإلى أيّ جانبيكَ تميل؟
هل تؤيّد صاحب مقولة: "دِشّي أختي دِشّي"؟
أم صاحب مقولة: "أمّي وأختي, ستقفان في الطّابور"؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.